والمهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تخلَّص منه ولم يُعَقِّبْ، ولم يُرِد أن يجعلها فتنةً للناس، إنما انتهى الأمر عند هذا الحد.
الشُّبَه التي أثاروها:
الشبهة الأولى -ولعلها أخطر شبهة-:
هذا الحديث يَحُطُّ من منصب النبوة ويشكك فيه؛ وطبعًا كل ما يؤدي إلى ذلك فهو باطل. ومن ثَمَّ فمن وجهة نظرهم كل ما أدى إلى هذا فهو باطل، والحديث على ذلك باطل، هكذا يزعمون.
نقول: كأنهم يريدون أن يقولوا تجويز الحديث يؤدي إلى القدح في النبوة، وقد يؤدي إلى عدم الثقة بالشرع؛ ولذلك أنكروا هذه الرواية، وكما قلت: هذه أخطر شبهة يثيرونها حول هذا الحديث.
أولًا: في بداية الرد على هذه الشبهة نقول:
إن الإجماع قد انعقد على وجوب عصمة الأنبياء مما يُخِلّ بالتلبيغ، يعني: الأنبياء معصومون مِنْ أن يتعرضوا لشيء يؤثِّر على تبليغهم لدعوتهم ولمنهجهم الذي جاءوا به من عند الله -عز وجل- وأيضًا معصومون من المعاصي، ومعصومون من كل ما لا يليق بمقام النبوة، يجوز في حقهم ما يجوز على البشر من: الأكل، والشرب، والنكاح، والزواج، وكل العوارض البشرية التي يتعرض لها البشر،