خفة اليد وما إلى ذلك، يعني: هو يكون بالاستعانة بالشياطين، هو لا يصلح أن يكون معجزة؛ لأنه لا يُتَحَدَّى به الخلق، ولا يُسْتَدل به على نبوة، ولا تنقلب به حقائق الأشياء.
وأنا هنا سأقف وقفة يسيرة مع عدم انقلاب حقائق الأشياء به؛ لأن هذا هو اللُّب في عمل السحرة كلهم، ولعل كثيرًا من المؤمنين يُحس بالعجز؛ لأنه يتصور أن الساحر يستطيع أن يفعل به ما يريد، وهذا ضعف في الإيمان خطير، بالإضافة إلى أنه فهْم خاطئ لقدرات السحر، الساحر لا يستطيع أبدًا تغيير حقائق الأشياء، علينا أن ننتبه إلى ذلك؛ لأنها مسألة عقدية، مسألة خطيرة أن تعطي للساحر القدرة على أن يغير حقائق الأشياء، فكأنك أعطيته ما لله؛ ولذلك الذي يأتي الساحر ويصدقه أو الكاهن ويصدقه أو العراف ويكهنه: ((فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-))؛ لأنه أعطى ما لله لغير الله.
قصة سيدنا موسى مع السحرة:
أولًا: القرآن وصفهم بأنهم في أعلى درجات السحر، لما جاء سيدنا موسى -كما في سورة الشعراء- إلى فرعون وناقشه، عَرَضَ فرعون الأمر على الملأ، فقال: {وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} (الشعراء: 36، 37) {سَحَّار} على وزن فعَّال، و {عَلِيمٍ} على وزن فَعيل، صيغتان من صيغ المبالغة، يعني: هم في علم السحر، والسحر علم غير أن تعليمه حرام، وتعاطيه حرام، وكل ما أوتوا له حرام، لكنه علم له قواعد وأصول، إذن هو كل سحّار، يعني لم يقل: ساحر، عالم، مثلًا على وزن فاعل، إنما سحار عليم، مما يدل على أنهما في أعلى قمم علم السحر إن كان للسحر علم، وله قمة.