بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العشرون
(حديث السحر، ودفع ما أثير حوله من شبهات)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
نبدأ أولًا بتخريج الحديث لبيان درجته:
حديث السحر هذا ورد من روايةِ مجموعةٍ من الصحابة -رضوان الله عليهم- ولكن أشهر رواية رواية أمِّنا عائشة -رضي الله تعالى عنها-. يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه من حديث أمِّنا عائشة -رضي الله تعالى عنها- روى هذا الحديث عنها عروة بنُ الزبير ابن أختها، أسماء، وروى عنه ابنُه هشام، تقول:
((سَحَرَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ من بني زُرَيْق يقال له: لَبِيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخَيَّل إليه أنه كان يفعل الشيءَ وما فعله، حتى إذا كان ذاتَ يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: يا عائشةُ، أَشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما استفيتُه فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدُهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرَّجُل؟ فقال: مطبوب. قال: مَنْ طبَّه؟ قال: لَبِيد بنُ الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومُشَاطة، وجُفّ طَلْع نخلةٍ ذَكَرٍ. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوانَ. فأتاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ناس من أصحابه، فجاء، فقال: يا عائشة، كَأَنَّ ماءَها نُقَاعة الحِنَّاء وكأن رءوس نخلها رءوس الشياطين. قلت: يا رسول الله، أفلا استخرجتَه؟ قال: قد عافاني الله، فكرهت أن أُثير على الناس فيه شرًّا. فأَمَر بها، فدُفِنَت)).
هذا حديث رواه الإمام البخاري في كتاب: الطب، باب: السحر، ورواه في كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده، بنفس الإسناد الموجود معنا هنا، وأوّله: "سحر النبي -صلى الله عليه وسلم-" ورواه في كتاب: الدعوات، ورواه في كتاب: الأدب، ورواه في كتاب: الطب أيضًا، هل يستخرج السحر؟ إلى آخره، ورواه في كتاب: الجزية الموادعة، في باب: هل يعفى عن الذمي إذا سَحَرَ؟