لا بد لكل مهنة من معاناة ومن تعب ووصب، ومن مشاكل تثار حولها، على القائمين عليها أن يتحملوا ما يلاقونه وهم يؤدون مهمتهم؛ ابتغاءَ ما عند الله، ورجاءً في أن ينجحوا بالمهمة التي كُلّفوا بها من قِبَل الله -تبارك وتعالى- ومن هنا أيضًا كان الأمر امتحانًا لملك الموت.

أيضًا في الحديث دلالة على أن كراهية الموت جِبلة في الإنسان، ورغم أن الحديث ليس فيه ما يشير إلى كراهية سيدنا موسى من الموت، وقد ردننا على هذه الفرية، وقلنا: إنها ليست مأخوذة إلا من ملك الموت حين قال: ((إنك أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت)) لكن بيَّنا من خلال الأدلة الأخرى أن كراهية الموت جبلة في الإنسان، لكنَّ هذه الكراهية لم تمنع من أن يأتيه الموت في الوقت الذي يريده الله -تبارك وتعالى-.

القول بأنَّ لكل إنسان أجلًا محدَّدًا، وهذا الحديث يتعارض مع ذلك؟

لا يتعارض؛ لأننا قلنا بالحديث في (الصحيحين): إن الأنبياء يُخَيَّرون، والحديث أفاد ... أو كان لا بد من قضية التخيير هذه، فالأنبياء مستثنَوْن من هذه القضية إذا اختاروا ما عند الله، وعلى كل حال فالأدلة الواردة كلها تدل على أنهم دائمًا يختارون ما عند الله -تبارك وتعالى -.

أيضًا الحديث يدل على أن الملائكة تتشكل بالبشر؛ ولذلك كانت العاهة التي أصابت الملك لصورته البشرية، أما صورته الملائكية فلم تتغير ولم تُصَبْ بأذى؛ لأننا قلنا: إن الملك حين يتشكل بهيئة بشرية فإنه في هذه الحالة يُحْكَم بقانون الهيئة التي أخَذها، فمن الممكن في هذه الحالة أن يلحقه الأذى كما يلحق البشر.

وقلنا: واضح جدًّا من حديث جبريل أنه جاء يلبس الثياب، وهي بيضاء نقية لا غبش فيها ولا غبارَ، ولا يرى عليه أثر السفر، وشديد سواد الشعر، وشديد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015