ويعلمون أنه شيخهم الكبير الذي يؤدِّب أولادهم، ويعلم أمراءهم الحديث والقرآن والسنة، وكانوا يختبرون العلماء -قصة اختبار للزهري- هشام بن عبد الملك كتب له أربعمائة حديث، وفي العام القادم طلب منه أن يكتبها له فإنها قد فقدت منه، ثم قارن بين النسختين فما وجد مغايرة في حرف واحد.

هل الوضاع يكون ذكورًا، لا يغير، ولا يبدل إلى آخره، وهو يعلم أنه يخترقها للتو الآن من اللحظة فهل يتذكر ما اختلقه في العام الماضي؟ أو هو دين يعلم أنه يحمله، ولا يجوز له أن يغير، أو أن يبدل فيه، ويعلم المصدر الذي سمعه منه إن كان تبعيًّا، أو إن كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

إذن، لا الخلفاء الأمويون ولا العباسيون طلبوا من العلماء أن يضعوا لهم أحاديث، ولا العلماء وضعوا أحاديث، كما قلت: كانوا يشتكون الوضاعين إلى أولي الأمر ليحاسبوهم على جرأتهم على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم، وكانت الشكوى إلى ولي الأمر واحدة من الوسائل التي اتبعها العلماء في مقاومة الوضع، ومناهضة الوضاعين، يهددونهم برفع الأمر إلى ولي الأمر؛ لكي يحاسبهم، إن لم يستجيبوا ويتركوا الوضع في السنة.

إذن لا توجد وقائع تاريخية تدل على هذا الأمر، والوقائع التي يذكرونها إنما هي تحتاج إلى مراجعة، وإلى دراسة أخبارها.

أبو هريرة راوية الإسلام الذي حفظ الله به السنة، يتجرءون عليه، ويتقولون عليه، ويفترون عليه كذبًا وبهتانًا، وهو واحدٌ من أوعية العلم الذين حفظ الله بهم السنة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد دعا له بالحفظ وبقوَّته، والأحاديث كثيرة في هذا، وشهد له بالحرص على الحديث، حديث الشفاعة، وهو عند البخاري: ((يا رسول الله، مَن أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة)) قبل أن يجيبه النبي -صلى الله عليه وسلم- على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015