والسنة إلا وقد سبق بأقوال من الصحابة والتابعين، وهم لا يقول أحد منهم قولًا إلا بالأدلة من القرآن الكريم، ومن السنة المطهرة، فليس هناك مجال للوضع أبدًا، ولا يوجد أيُّ دافع لهذا، بل إن تقوى العلماء وورعهم أشهر من أن نتوقف معه أو أن نقيم عليه أدلة، لكن سنشير إليه أيضًا لنثبت كذب الفرية في أن هناك من العلماء من استجاب لدعوة الأمويين والعباسيين في وضع الأحاديث؛ تأكيدًا لأمرها، أو لحكمها.
يقول المستشرق "جولدت سيهر": بأنه قد حدث خلاف بين الأمويين والعلماء الأتقياء -علماء الحديث- جماعة الأمويين جماعة دنيويين، لا هَمَّ لهم إلا الفتوحات والاستعمار. هم يصورون الفتوحات الإسلامية على أنها استعمار، هذا كلام المستشرقين. وأنهم كانوا لا يستقيمون على تعاليم الإسلام؛ إنما يسيرون في حياتهم العادية على ما يَهْوُون أو ما يحبون، على آداب وقيم ومبادئ لا تتصل بالإسلام.
هذا افتراء على التاريخ والواقع، وأنا عمومًا نتيجة خبرات السنين والقراءات وما إلى ذلك، أعلم ليست السنة الآن هي التي تتعرَّض للهجوم فقط، بل أمور الإسلام ومصادره، التاريخ الإسلامي يشوَّه، يعني: تصوير الأمويين والعباسيين على أن الحكام كانوا أصحابَ شهوات، وغناء، وطرب، ورقص، وسهر، هذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، كيف يفتح الله لهم بلادًا وهم على هذا القدر من الجَفاء مع الإسلام، والبعد عن تعاليم الله -تبارك وتعالى، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم؟ هذا افتراء يحاولون أن يتصيَّدوا بعض الوقائع التاريخية التي من وجهة نظرهم تُسجِّل خروجًا على الإسلام، ويصورون تاريخ الإسلام كله من خلال هذه النقطة.