بعيني الشيء وكما أسمع بأذني وأتيقن يقينًا جازمًا لا شبهة فيه؛ فكذلك إذا ثبت تواتر الخبر فقد أفاد درجة العلم التي تفيدها المشاهدة.

وهكذا نرى أن المتواتر لا يحتاج إلى شيء من البحث والنظر، كما نعلم مثلًا وجود عمر وعلي في الصدر الأول، وكما نعلم وجود دمشق وبغداد وقرطبة من غير حاجة إلى البحث والتأمل.

إذن الخبر المتواتر يفيد العلم القطعي، وبالنسبة للحديث فإن نسبته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقطوع بها.

الحديث المتواتر جرى نقاش بين العلماء؛ هل هو موجود بكثرة في السنة؟

ابن الصلاح يقول: من تطلب المتواتر عز وجوده، لعله يقصد المتواتر اللفظي بنصه؛ لكنّ المتواتر كثير جدًّا في الأحاديث.

وابن حجر -رحمه الله تعالى- يرد على كلام ابن الصلاح في ادعاء العزة في وجود الخبر المتواتر يقول:

وما ادعاه من العزة ممنوع، وكذا ما ادعاه غيره من العدم؛ لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على الكذب أو يحصل منهم اتفاق على ذلك. ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودًا وجود كثرة من الأحاديث: أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقًا وغربًا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددًا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب -إلى آخر الشروط- أفاد العلم اليقيني، ومثل ذلك في الكتب المشهور كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015