العلم به علمًا ضروريًّا، يعني: توفر في قلوبنا وفي يقيننا بعد أن تواتر الخبر؛ لكنه بعد ذلك لا يحتاج إلى نظر واستدلال.
هذا -على كل حال- هو الدرجة التي يفيدها الخبر المتواتر من العلم، وإذا طبقنا ذلك على الحديث النبوي: يفيدنا أنه متى ثبت تواتر الحديث فقد تيقَّنَّا بالضرورة بصدق نسبته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصبح الإيمان بذلك إيمانًا حتميًّا لا يستطيع أحدٌ بعد أن يثبت تواتر الحديث أن يتكلم في صدق نسبته للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعكس ما يتكلمون به في شأن الخبر الآحاد.
ولذلك ترتب على ذلك كلام العلماء في قضية أخرى وهي: ما حكم منكره وجاحده؟
ما دمنا قد قطعنا بأنه يفيد العلم اليقيني القطعي الضروري، ولا يحتاج بعد ثبوت التواتر إلى أدلة وقطعنا بصحة نسبته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذه النسبة المقطوع بها قد تحققت بكثرة الطرق المعتبرة المؤكدة لذلك؛ فأصبح الخبر المتواتر قطعي الثبوت. رتبوا على ذلك مسألة وهي أن منكره وجاحده كافر؛ لأنه ما دامت نسبته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقطوعًا بها؛ فإن جاحده مكذب للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا بلا جدال يخرج صاحبه من الإيمان.
يقول فضيلة الدكتور أديب صالح عن حكم الحديث المتواتر: ولقد قرر العلماء أن المتواتر يفيد العلم اليقيني الذي لا مجال فيه للتكذيب ويكفر جاحده؛ لأنه قطعي الثبوت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاحده مكذّب للرسول، وشأنه في إفادة العلم شأن ما يفيده الحس بالمشاهدة وغيرها.
يريد أن يقول في مسألة إفادة العلم: كما نرى بأدوات الحس، يعني: كما أرى