القطعي، يعني: مقطوع ومتيقن بصدق نسبته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا مجال للشك أو الإنكار في ذلك، ولا يحتاج -بعد ثبوت تواتره- إلى أدلة أو براهين؛ فمتى ثبت التواتر أفاد العلم اليقيني المقطوع به لدى سامعه، كما يُقطع أيضًا بصدق نسبته إلى قائله ... إن كان الخبر منقولًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن غيره ما دامت قد توافرت شروط التواتر؛ فأصبح الخبر يقينيًّا، ولا نحتاج بعد ثبوت التواتر إلى أدلة أخرى لكي نطمئن إليه أو لكي نتيقن وقوعه.
هناك أناسٌ جادلوا في هذا، منهم: الكعبي، وأبو الحسن من المعتزلة، ومنهم: إمام الحرمين، والغزالي من أهل السنة، يعني: قال بأن الخبر المتواتر يفيد العلم النظري وليس القطعي اليقيني.
الفرق بين العلم القطعي اليقيني، والعلم القطعي النظري من زوايا:
منها مثلًا: أن العلم اليقيني الضروري الذي يفيده الخبر المتواتر يستقر في النفس مثل البدهيات؛ فلا يمكن دفعه عن النفس، كما أنه لا يحتاج -كما ذكرنا مرارًا- إلى أدلة تثبته أو إلى براهين تؤكده، ولا يحتمل الخلاف حوله كمثل الخلاف الذي يجري في النظريات.
أما العلم النظري؛ فإنه يحتاج إلى براهين ويتوصل إلى نتائج بمقدمات.
كمثال لهذا العلم النظري -وهو أيضًا يصل إلى نتيجة قطعية؛ لكن بعد نظر واستدلال-: نظريات الهندسة: حين يقولون مثلًا: إن المثلث المتساوي الأضلاع متساوي الزوايا، هذه نظرية هندسية، هي إلى الآن مجرد افتراض، علينا أن نثبته؛ لن نتوصل إلى القطع بها كنتيجة علمية مؤكدة إلا بعد أن نستدل عليها؛ فمثلًا يعلموننا في الهندسة أن نقول: أن الفرض هو كذا، الفرض هو رأس