عددهم، ومهما كان اتصافهم بالصدق من وجهة نظر البعض؛ فهم مع صدقهم وكثرة عددهم لا يؤتمنون على الإسلام، ونحن نعلم موقفهم من الإسلام ومن أهله ومن قضاياه -ولا نريد أن نتوسع في هذه القضية- لكننا نؤكد أن الرواية للحديث الشريف شرفٌ لا يستحقه إلا من نال شرف الإيمان بالله تعالى وبهذا الرسول الكريم الذي ننقل كلامه، والذين لم يشرفوا أنفسهم بهذا الإيمان لا يجوز لهم أبدًا أن ينالوا شرف رواية حديث الطاهر -صلى الله عليه وسلم-.

على كل حال، الذي ينظر إلى أحوال كثير من غير المسلمين نجدهم يثيرون الشبهات حول السنة، ويتهجمون على الإسلام، ويتجرءون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويكيلون الاتهامات جزافًا؛ فكيف يطمئن القلب والعقل بعد ذلك إلى قبول روايتهم لحديث نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم ... قد نقبل روايتهم في غير الأحاديث النبوية ... في الأخبار العادية السياسية والاقتصادية أو العلمية أو ما شاكل ذلك؛ لكن الحديث النبوي دين لا يؤخذ إلا عن من نثق في دينه وأمانته، ومن يحبون هذا النبي العظيم ويؤمنون برسالته ويتعبدون بطاعة الله تعالى وبطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

نعود إلى الشرط الأول من شروط المتواتر لنقول: إنه العدد، ولنلخص الكلام في أننا إما أن نعتبر أن الحديث الذي رواه عشرة من الصحابة قد حدث له التواتر ولا يجهدون أنفسهم في تتبع الحلقات بعد ذلك اعتمادًا على أن الحلقات بعد هذا لا بد أن تكثر؛ فكل صحابي روى عنه مجموعة، وكل واحد من هؤلاء المجموعة روى عنه مجموعة، وتتبع ذلك يجهد كثيرًا، وعلى ذلك سار عمل من جمع الأحاديث المتواترة في كتبهم، وأكاد أقول: إن هذا الذي استقر عليه الاصطلاح، وعلى كل؛ لو قلنا: بأن العدد لا يحصر، وأنه متى اطمأن القلب إلى صدقهم فيحدث التواتر ... أرى أن هذين الرأيين قريبان من بعضهما؛ وإن كنت أميل إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015