لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلا عملٍ بأوامره واجتناب نواهيه، وهذه صفة المقلّدين؛ فإنهم يقولون: طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واجبة، فإذا أتاهم أمر من أوامره يقرون بصحته، لم يصعب عليهم التولي عنه وهم يسمعون -نعوذ بالله من ذلك- وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} (الأنبياء: 45) فأخبر تعالى -كما قدمنا- أن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وحيٌ، والوحي ذكرٌ بلا خوف، يعني: من غير أن نخاف نقول: والوحي بلا خوف الذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن الكريم، فحين يقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فبالضرورة الذكر هنا يشمل القرآن والسنة؛ لأن كليهما وحي من عند الله -تبارك وتعالى- والذكر -الذي هو القرآن والسنة- محفوظ بنص الله تعالى.

بعد هذه المقدمات الطويلة؛ من أننا أمرنا من أن نطبق القرآن والسنة، وأن نرد التنازع إلى الله وإلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن هذا الرد لا يمكن إلا من خلال اللقاء والمشافهة، الآية لم تشترط ذلك، ويصعب بل يستحيل مخاطبة الله عز وجل- ومن المعلوم أيضًا من المقدمات التي ذكرها أن الأمة كلها إلى يوم القيامة مطالبة برد الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع القرآن الكريم، هل نقول: إن هذه الآية المخاطب بها الصحابة فقط؟ وحتى لو قلنا هذا، هل الأمة لا تجب عليها العمل بالآية؟ وحتى لو قلت ذلك، هل يمكن مخاطبة الله -تبارك وتعالى-؟

إذن، كل هذه المقدمات تؤكد حتمًا أن الرد إنما هو إلى القرآن الكريم وإلى السنة المطهرة، وكلاهما وحيٌ من عند الله -تبارك وتعالى- والوحي ينذر به النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال القرآن: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}.

بعد هذه المقدمات يخلص ابن حزم -رحمه الله تعالى- إلى هذه النتيجة التي سقنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015