تماثل أمة الإسلام، وقد سجل كل شيء يتعلق بها في الكتاب، السياق يحتم أنه اللوح المحفوظ، ومع ذلك لو سلمنا جدلًا بأن المراد بالكتاب في الآية هو القرآن الكريم وهذا فهم بعيد، وافتراضنا له إنما هو افتراض جدلي، فإن هذه الآية لا تعارض حجية السنة أبدًا، ولا يُفهم منها أننا نكتفي بالقرآن الكريم فقط؛ لأنه كما قال العلماء-: إن هذه الآية لا تتعارض؛ لأنها تدخل أيضًا تحت ما لم يفرط الله -تبارك وتعالى- فيه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}.
قد أوجبنا طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كثير من الآيات، فهي داخلة في قوله -تبارك وتعالى-: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} على أساس أن الكتاب المراد في الآية هو القرآن الكريم، مع استبعادنا لهذا الفهم، ومع إقرارنا بأن الكتاب المراد به اللوح المحفوظ، كما ذكرنا مرارًا.
ننتقل إلى آية أخرى أيضًا يحتجون بها، من ذلك مثلًا: قول الله -تبارك وتعالى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل: 89) ننتقل إلى آيات أخرى حاولوا أن يستدلوا بها؛ من ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} (الأنعام: 114).
والكتاب في سياق الآيتين المراد به هو القرآن الكريم: {نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}: هذا لا يُعارض فيه أحد: {هُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} المراد بالتفصيل هنا وبالبيان تفصيل وبيان كل شيء من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة، هذا أمر لو قلتَ: إنه تفصيل لكل صغيرة وكبيرة