في هذه الأيام المعرفة أبوابها مفتوحة كثيرة جدًّا عبر الحاسب الآلي، والإنترنت، والفضائيات، ولا نستطيع أبدًا إغلاق أبواب هذه الفتن؛ إنما المراد تحصين شبابنا وأولادنا ضدَّ هذه الفتن، التي هي في الحقيقة لا تعتمد على أدلة، لكن ما دام قد أثاروها وحاولوا أن يُقيموا حولها كلامًا يريدون به التنغيص على الإسلام وأهله؛ فلا بد من الرّدّ عليهم. إذا كان الأمر يعتمد على الأدلة فقاوم هذا الأمر بالأدلة، الإسلام دين العلم، دين التفكير الناضج، دين الاعتماد على الأدلة: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: 111)، إن كان الذي يثير إشكالًا له أدلة نقف مع هذه الأدلة، نناقشها، ونرد عليها، ونفحمها، ونبطلها، وإن كانت لا تعتمد على أدلة نُعرض عليها أيضًا، هذا أسلوب اعتمده القرآن الكريم واعتمدته السنة المطهرة، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (الجاثية: 24) لم يردّ عليهم؛ لأن هذا مسخ للفطرة وانحراف بها، واحد ينكر إن الكون له رب يسيره، واحد يقبل أن هذا الإبداع في الكون وتلك العظمة في تسيير أموره من غير من يدبّر ذلك. هذا لا يتوقف عنده؛ بينما مثلًا أقام القرآن على الأدلة على الوحدانية، لأنها أم القضايا في الإسلام: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (المؤمنون: 91) {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الأنبياء: 22)، هذه تعتبر أدلة، ويمكن ترتيبها في مقدمات ونتائج، لكن لأن قضية الوحدانية هي أم القضايا التي يتفرع عنها كل القضايا في دين الإسلام؛ لذلك اهتم القرآن بها، وأقام الأدلة عليها، وردَّ شُبَهَ المنكرين لها.