{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (العنكبوت: 51).
آيات مثل هذه يجمعونها مثل قوله -تبارك وتعالى-: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (الفرقان: 30)، ومثل قوله -سبحانه وتعالى-: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون} (الأعراف: 185) يحاولون أن يجمعوا الآيات التي يبدو من ظاهرها أنها تدعو إلى الاعتماد على القرآن الكريم فقط، وبعد أن يجمعوا هذه الآيات يُحاولون أن يُثبتوا أنها تدل على الاعتماد على القرآن الكريم فقط، وكأنهم يريدون أن يقولوا: إن موقفنا هذا إنما هو مبنيٌّ على الاستمساك بالقرآن الكريم، الذي دعا إلى التمسك بالقرآن الكريم وحده.
بداية نرد ردًا إجماليًّا فنقول:
قل لمن يدَّعي في العلم فلسفةً ... حفظتَ شيئًا وغابت عنك أشياءُ
ركَّزت على هذه الآيات، ونسيت آيات كثيرة، ما موقفك من قول الله -تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59)؟ ما موقفك من قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}؟ ما موقفك من قسم الله -تبارك وتعالى- حين يُقسم بذاته المعظّمة الشريفة أن إيمان المؤمنين لا يكون إلا إذا حكَّموا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل ما شجر بينهم؟ بل إن الله -تبارك وتعالى- اشترط على المؤمنين ألا ينفذوا الحكم فقط، بل عليهم أن يرضوا به وأن يخضعوا ويستسلموا له خضوعًا كاملًا، واستسلامًا تامًّا، وآياتٌ كثيرة جدًّا تدل على وجوب اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل ما يأمر به، وينهى عنه.
إذن، كأنك تؤمن ببعض الكتاب وتكفُر ببعض، تأخذ منه الآيات التي تناسب