وحده، وإلا كان ذلك تضييعًا للإسلام كله، وأيضًا إثبات أن السنة وحيٌ من عند الله -تبارك وتعالى- وما دامت وحيًا فهي واجبة الاتباع وواجبة التطبيق في حياة المسلمين.
لم يُنازع في ذلك أحدٌ من المسلمين الذين ينعقد بهم الإجماع، أجمعت الأمة على كل هذه الأدلة، وعلى خلاصة الأمر وزبدته في أن السنة لا بد أن تُتبع، وأن يُعمل بها، وأن نستجيب لكل حكم حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
في أثناء أبحاثه في كتابه (حجية السنة) يُعلِّق فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى- تعليقًا يقول فيه -حاكمًا على من نازعوا في هذه القضية- يقول: "وليت شعري، كيف يُتصور أن يكون نزاع في هذه المسألة بين المسلمين! وأن يأتي رجلٌ في رأسه عقل ويقول: أنا مسلم، ثم يُنازع في حجية السنة بجملتها، مع أن ذلك مما يترتب عليه عدم اعترافه بالدين الإسلامي كله من أوله إلى آخره، فإن أساس هذا الدين هو الكتاب، ولا يمكن القول بأنه كلام الله مع إنكار حجية السنة جملةً، فإن كونه كلام الله لم يثبت إلا بقول الرسول الذي ثبت صدقُه بالمعجزة، إن هذا كلام الله وكتابه، وقول الرسول هذا من السنة التي يُزعم أنها ليست بحجة، فهل هذا إلا إلحاد وزندقة، وإنكار للضروري من الدين يُقصد به تقويض الدين من أساسه، فإن قلت: لا نُقرّك على أن كون الكتاب كلام الله؛ لا يثبته إلا ذلك القول، وإنما ثبت بإعجازهم مباشرة، قلت: نعم، جميع القرآن وسورة منه وثلاث آيات يُمكن أن يقال فيها: إنه ثبت كونها كتاب الله بإعجازها، ولا حاجة لقول الرسول فيها، وذلك لقيام الإعجاز بها. أما الآيتان والآية وبعض الآية فلم يقم بها صفة الإعجاز، حتى نعلم أنها كلام الله؛ فلا يمكننا العلم حينئذٍ بأنها منه إلا بقول الرسول الذي ثبت صدقه بإعجاز القرآن كله، أو سورة منه وبغير ذلك من المعجزات- إنها من كلام الله.