لا بد أن يتجه للنبي -صلى الله عليه وسلم، أحيانًا تنزل الآيات بحكم الشرع كما في قصة الظهار خولة بنت ثعلبة، التي سمع الله تعالى قولها وهي تجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- حين ظاهر منها زوجها: ((إن لي منه صبية صغارًا، إن ضممتهم إليّ ضاعوا، وإن ضممتهم إليه جاعوا)) حتى نزلت الآيات بحكم الظهار، وبينه لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في القرآن الكريم. يعني: إما أن ينزل الحكم في القرآن الكريم، وكثير من الأحكام تعتمد على السنة المطهرة.

أيضًا، في صلاة العصر في بني قريظة لما قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلينَّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة))، وتعدَّدت أفهام الصحابة في ذلك؛ فمنهم من صلى في الطريق مخافة أن يخرج الوقت عن وقته، لأنهم يعلمون أن هناك أدلة تنصُّ على وجوب أو استحباب أداء الصلاة في أول وقتها، وهناك من أصرَّ على تنفيذ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بحذافيره، فأجّل الصلاة حتى وصل إلى ديار بني قريظة، ورُفع الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقرَّ كلّا من الفريقين على فهمه.

إذن، الصحابة بإجماع يعلمون ويعتقدون أن السنة حجة، وأنهم لا يسعهم أن يُقدِموا على أي عمل يتعلق بأمر دينهم أو دنياهم إلا بعد أن يعلموا حكم الله فيه من خلال القرآن الكريم، أو من خلال السنة المطهرة، وقد رجعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في عشرات، بل في مئات المسائل، ولذلك يعتبر العلماء منهج الصحابة في التعامل مع السنة إنما هو دليل على حجية هذه السنة، وأنه لا بد من العمل بها، وقد مرَّ بنا ما قاله الصديق -رضي الله تعالى عنه- للمرأة الجدة التي جاءت تسأل حقها في الميراث فقال لها أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: "لا أجد لك في كتاب الله شيئًا، ولا أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى لك بشيء"، إذن هو يعلم يقينًا أن السنة حجة، وأنها تشرع كما يشرع القرآن الكريم، وأنه على المسلمين أن يقولوا: سمعنا وأطعنا في كل حكمٍ قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015