والنبي -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأحوال يخشى أن تؤدِّي كثرة المسائل إلى مشقَّة على المسلمين، فيكون صاحبه من أعظم الناس جُرمًا حين تؤدِّي أسئلته إلى مشقة على المسلمين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الرءوف الرحيم بهذه الأمة، ولذلك طلب من الأمة ((ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم))، ولعله -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى ما ورد في سورة البقرة من موقف بني إسرائيل حين طلب منهم الله -عز وجل- على لسان نبيه موسى -عليه السلام- أن يذبحوا بقرة، ولو أتوا إلى أي بقرة وذبحوها لكانوا قد استجابوا لأمر الله، ولكنهم جعلوا يضعون أسئلة يشقُّون على أنفسهم؛ فشق الله عليهم ولم يجدوها إلا بصعوبة.
على كل حال، هذا حديث يُبيِّن أن على المسلمين أن يستجيبوا لأمر الله -تبارك وتعالى- وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم، وألا يسألوا أو يجادلوا ما دام الأمر واضحًا وجليًّا.
أيضًا، من الأحاديث التي تدل على اتباع السنة: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عنه فاجتنبوه))، أو ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) هذا حديث أيضًا رواه البخاري في كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأيضًا هو من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه: ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) هذا توجيه من النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة أن تفعل ما يأمرها بها، أو ما يأمرها به نبيها -صلى الله عليه وسلم- وأن تنتهي عما نهى عنه.
لكننا نلاحظ أنه في مجال الأمر قال: ((فأتوا منه ما استطعتم))، ونطرح هنا تساؤلًا هل ينطبق ذلك على الواجبات، لا، لماذا؟ لأن الواجبات لا بد من فعلها، حتمًا على المسلم أن يفعل ما أوجبه الله تعالى عليه، أو ما أوجبه عليه رسوله -صلى الله عليه وسلم- يعني: مثلًا لما ضربنا مثالًا لما أوجبته السنة بزكاة الفطر مثلًا، فهل يملك المسلم ألا يخرج زكاة الفطر، لا يستطيع ذلك، ولا يملك هذا: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) أمرٌ من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نبدأ الصيام حين نرى هلال