ثم جاءت الآيات لتبين بعد ذلك موقف المؤمنين الخُلَّص السعداء، الفاهمين، الواعين، المدركين لعظمة هذا الدين، وعظمة أوامره، وأنها جاءت كلها لصالح المؤمن في دنياه وفي آخرته: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (النور: 51) هذا شأن المؤمنين ولذلك حكم الله لهم بأن قال -عز من قائل-: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (النور: 52) فلاح وفوز، ارتبطا معًا بطاعة الله -تبارك وتعالى- وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} نالوا الفلاح ونالوا الفوز {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ختام الآيتين جاء بأسلوب القصر عن طريق تعريف الطرفين: المبتدأ والخبر، المبتدأ والخبر في كلا الجملتين جاء معرفة؛ في الآية الأولى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أولئك: مبتدأ، والمفلحون: خبر، أيضًا إشارة إلى أن الفلاح مرتبطٌ بطاعة الله -تبارك وتعالى- والاستجابة لحكم رسوله -صلى الله عليه وسلم. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} أيضًا الفوز في الدنيا وفي الآخرة مرتبط بخشية الله، بطاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وجاءت الجملة أيضًا معرفة الطرفين للدلالة على هذه الحقيقة وتأكيدها.

في سورة النور أيضًا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} قل للمؤمنين: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (النور: 54) الفوز والفلاح والهداية كما كان في سورة الأعراف، وكما كان في غيرها من الآيات، {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015