والاحتمال الذي يمكن أن يدرك مع الاستغفار من الخوض في ذكر هذه الاحتمالات أنه:
1- يا ربما كانت الجماعة الإسلامية في هذه الفترة لو شرع لها القتال لانسابت في غرائزها الأولى, فقامت حرب جاهلية مثل حرب داحس والغبراء.
ومهمة الدعوة في هذا العهد المكي تربية قيادة تصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم حتى يخلص المسلم من دوافع ذاته, ويتجرد من شخصه, فلا تعود ذاته ولا دوافع نفسه هي محور الحياة في نظره, فإن محور الحياة الجديدة هو العقيدة فلا يندفع ولا يتهيج إلا إذا مست العقيدة، أما هو فلا يتأثر بشيء كما كانت طبيعته من قبل، ويؤثر هذا في تكوين الجماعة فيما بعد حيث يتمرن كل فرد على ضبط أعصابه واحترام انتسابه للجماعة, فلا يتحرك إلا بعد إذن من القيادة التي يجب أن يرجع إليها في كل أمر من شئون حياته.
2- وربما كان ذلك؛ لأن حرية التحرك للداعية وتبليغ الدعوة ما زالت مباحة والرسول -صلى الله عليه وسلم- تحميه سيوف بني هاشم، وتجواله وتحركه إلى الطائف ومواسم الحج ومقابلة الأفراد ما زال طليقا وتشريع الحرب في هذه الآونة يثير فوضى تشوه الدعوة وأهدافها.
3- وربما كان للبيت العتيق من الحرمة ما لا يجوز معه تشريع قتال تستباح فيه حرمة الكعبة, وتدور رحى الحرب في كنفها شهورا