المعتدين حسبة لله، وقد كانت تستطيع أن تقاوم, وأن ترد الكيل بالكيل والصاع بالصاع، ولكنها خضعت لسلطان ربها، فهي لم تؤذن بعد بالقتال كأسلوب للجهاد، لقد جاهدت مجاهدة شاقة وجابهت قسوة الاعتداء باليقين الثابت، وحققت لا إله إلا الله منهجا سلوكيا. فأبرزت خصائص هذه الدعوة كما شاهدها الله فيهم فأعلنوا بسلوك عملي

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} 1.

ولكن المجتمع الجاهلي كان لا يريدها, وآثر ما كان يعبده آباؤه, فصارت المحاولة عسيرة لإيجاد مجتمع إسلامي من عناصر هؤلاء القوم, فلم يبقى إلا نقلة مجتمع خصب تؤدي فيه الجماعة الإسلامية دورها في قيادة رشيدة؛ لتحقيق العبودية لله على وجه الأرض كلها, ومن هنا انتظر المسلمون الأوائل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإذن لهم بالهجرة إلى وطن2 جديد؛ ليستعدوا للموقف الفاصل.

قطعت الدعوة الإسلامية في مكة عقدا كاملا جاهدت فيه جهادا قاسيا لتعلم الناس وظيفتهم التي خلقوا لها، وأكدت الدعوة في هذه الحقبة أنها تريد أن يحقق الناس عبوديتهم لله وحده.

عبودية العقيدة والتوحيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015