وإن الحريص الغمر يلقيه حرصه ... إلى حفرة جوفاء واهية الرضم
تعلم بأن الموت أزين للفتى ... وأهون من عيش يشين ومن وصم
[من شعره، قوله] :
يا شراباً من رقة كالسراب ... راحتي في ارتشافه وعذابي
ناولتني ما أسأرته بكأس ... كمشيبي ونشوة كالشباب
صان منها الزجاج مثل الذي صا ... ن من الوجنتين شف النقاب
فكأن الزجاج دمع التجني ... وكأن المدام خمر التصابي
وقوله:
وكأس من الماء مخروطة ... تنير لها مثل نور النهار
تبدت وفي وسطها جمرة ... تكاد تصدعها بالشرار
فحسبك من عجب ما تراه ... بتأليف ما بين ماءٍ ونار
وقوله:
لا تحسبي أن دمع العين غير دمي ... وإنما نفسي العالي يصعده
فابيض من حر جمرٍ كان يطبخه ... ولو طفى الجمر لم يذهب تورده
وقوله:
انظر إلى ورد "المعسكر" قد كسا ... أشجاره نوراً يخيل نارا
جاد الربيع لنا به فكأنما ... سلب الخدود وألبس الأشجارا
من أهل القرآن. من شعره:
يا قانطا من حاله ... إن القنوط من البليه
لا تيأسنَّ من الغنى ... لله ألطاف خفيه
[له] :
طاش الفؤاد فليت شعري هل يرى ... بقراره هذا الفؤاد الطائش
رشني فقد حُصَّ الجناح وليس لي ... يا سيد الأجواد غيرك رائش
له في بدو الشيب:
وزائرة للشيب حلت بعارضي ... فعاجلتها بالنتف خوفا من الحتف
فقالت: على ضعفي استطلت ووحدتي ... رويدك للجيش الذي جاء من خلفي
وله:
أتدري ما يقول لك العذول ... وتدرس ما يريد بما يقول
يريد بك السلو، وهل جميلٌ ... سلوك عن بثينة يا جميل
يا ربة الهودج المزرور كيف لنا ... بالقرب منك، وهل في وصلكم طمع
إن تبذليه فإن الماء من حجر ... أو تبخلي فمنال الشمس يمتنع
له، يصف النيلوفر:
كؤوس من يواقيت ... تفتح عن دنانير
وفي جنباتها زهر ... كألسنة العصافير
[وله] :
وفاترة اللواحظ مازحتني ... وفي أحشائها للوجد نار
وقالت: كيف تطمع في وصالي ... وقد أيقنت أن اسمي نوار
فقلت: أما تقدم منك وعدٌ ... بوصل شفني منه انتظار
فوفي ما وعدت به، فقالت: ... كلام الليل يمحوه النهار
أحد الكتاب الأفراد، والكرماء الأجواد، وأكثر شعره في الحث على اقتناء المحامد، وبذل الطارف فيها والتالد.
فمن ذلك قوله:
أنا في المعسكر مفرد في جحفل ... من نوح قمري ورنة بلبل
فكأنما يلقي علي بصوته ... نغمات "معبد" في الثقيل الأول
وإذا تكاملت المسرة لامرئٍ ... وأليفه متخلف لم تكمل
وقوله:
ذروني وأموالي التي قد جمعتها ... أقدم لي نصفاً وأرتع في النصف
إذا كان أموالي علي حسابها ... فمالي وأموال أخلفها خلفي
قطب الأدباء الذي عليه مدارهم، ومجلي الفهماء الذي به افتخارهم. وله نثر كالبرود، ونظم كالعقود، فمن شعر قوله:
بهاءً في سناءٍ في ذكاءٍ ... جمعت وعظم قدر في علاء
إذا قاضٍ قضى بالجور يوماً ... فأنت المرء تعدل في القضاء
وسأله الأمير ثقة الدولة، وقد حل وسط أرض ناضرة أن يصنع فيها، فقال بديها:
روضٌ يحار الطرف في زهراته ... ويهيج المشتاق من زهراته
يبدي بأصفره بوادي عاشق ... ويري بأحمره لظى زفراته
يا أيها الملك الذي أحيا الندى ... ...............
أني إذا ذقت المدامة خلتها ... ريق الحبيب ومجتنى رشفاته
وأرى العروضي البديع إذا شدا ... يهدي إلى الإنسان روح حياته