ومما يؤيد هذا: أنك تشاهد في هذه الدار عقوبات الباغين والظالمين والمعتدين، عقوبات يشاهدها كل أحد:
العقوبات القدرية
* إما عقوبات قدرية: يوقعها الله بالمجرمين، كما أهلك الأمم السابقة بالعقوبات المتنوعة؛ وكما يشاهده من سبر أحوال الخلق، وتتبع ما جرياتهم وكيف كانت عواقب الباغين والمجرمين أشنع العواقب.
العقوبات الشرعية
* وإما عقوبات شرعية: يقتل القاتل، ويقطع السارق ويقام الحد بالرجم أو الجلد على الزنى ويجلد الشارب للخمر ويعذر في كثير من المعاصي.
فهل تقول أيها المعتذر على العاصين بالقدر: إن جميع هؤلاء قد ظلمهم الله حيث أوقع بهم هذه العقوبات، وحيث أحل بهم المثلات؟
فإن قلت ذلك: فقد بلغت من عداوة الله وعداوة رسله، ومحاربة الله مبلغا ما بلغه أحد.
وإن رجعت إلى الحق وقلت: إن هذه العقوبات القدرية والشرعية هي عدل الله بين عباده، وهي حكمنه التي وضعها الله موضعها وجعلها في محلها اللاحق بها؛ وليس لهؤلاء الجناة المعاقبين عذر بل أصابهم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.
فالرجوع إلى الحق أحق. وبذلك وغيره؛ يتضح بطلان الاعتذار بالقدر عن المجرمين.