غيلَان بْن سَلمَة من بني معتب1، وَمن بني مَالك: عُثْمَان بْن أبي العَاصِي بْن بشر بْن عَبْد دهمان. وَأَوْس بْن عَوْف أَخا بني سَالم وَقد قيل إِنَّه قَاتل عُرْوَة، ونمير بْن خَرشَة بْن ربيعَة.
فَخَرجُوا حَتَّى قدمُوا الْمَدِينَة، فَأول من رَآهُمْ بقناةَ2 المغيرةُ3 بْن شُعْبَة، وَكَانَ يرْعَى ركاب4 أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فِي] 5 نوبَته، وَكَانَت رعيتها نوبا عَلَيْهِم، فَترك عِنْدهم الركاب، ونهض مسرعا، ليبشر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقدومهم، فلقي أَبَا بكر الصّديق، فاستخبره عَن شَأْنه فَأخْبرهُ بقدوم وَفد قومه: ثَقِيف، لِلْإِسْلَامِ. فأقسم عَلَيْهِ أَبُو بكر أَن يؤثره بتبشير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فَأَجَابَهُ الْمُغيرَة إِلَى ذَلِك. فَكَانَ أَبُو بكر هُوَ الَّذِي بشر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك.
ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِم الْمُغيرَة. وَرجع مَعَهم، وَأخْبرهمْ كَيفَ يحيون رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلم يَفْعَلُوا وحيوه بِتَحِيَّة الْجَاهِلِيَّة. فَضرب لَهُم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبَّة فِي نَاحيَة الْمَسْجِد وَكَانَ خَالِد بْن سعيد بْن الْعَاصِ هُوَ الَّذِي يخْتَلف بَينهم وَبَين رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ الَّذِي كتب الْكتاب لَهُم، وَكَانَ الطَّعَام يَأْتِيهم من عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَأْكُلُون حَتَّى يَأْكُل مِنْهُ خَالِد بْن سعيد. وسألوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أَن يكْتب كِتَابهمْ أَن يتْرك لَهُم الطاغية6 وَهِي اللات لَا يَهْدِمهَا ثَلَاث سِنِين. فَأبى رَسُول اللَّه إِلَّا هدمها. وسألوه أَن لَا يهدموا7 أوثانهم وَألا يكسروها بِأَيْدِيهِم، فأعفاهم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ كسرهَا بِأَيْدِيهِم، وَأبي أَن يدع لَهُم وثنا. وَقَالُوا: إِنَّمَا أردنَا أَن نسلم بِتَرْكِهَا من سفهائنا ونسائنا، وخفنا أَن نروع قَومنَا بهدمها حَتَّى ندخلهم الْإِسْلَام وَقد كَانُوا سَأَلُوهُ مَعَ ترك الطاغية أَن يعفيهم من الصَّلَاة، فَقَالَ لَهُم: "لَا خير فِي دين لَا صَلَاة فِيهِ".