والتوفيق من الأمور التي لا تُطلب إلاَّ من الله، إِذْ لا يقدر عليه إلاَّ هو، فمن طلبه من غيره فهو محروم.
قال تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56].
وهذه الهداية المذكورة في الاية هي التي يسمِّيها العلماء هداية التوفيق، قال شعيب عليه السلام: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].
قال ابن القيم رحمه الله: «أجمع العارفون بالله أن التوفيق هو أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك» (?).
وبهذا جاء التوجيه النبوي الكريم، روى أبو داود في سننه من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَانِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ» (?).
ومما يغلط فيه كثير من الناس ظنهم أن من رزق مالاً، أو منصبًا، أو جاهًا، أو غير ذلك من الأمور الدنيوية، أنَّه قد وُفق، والأمر ليس كما ظنوا، فإِنَّ الدنيا يعطيها الله من يحب ومن لا يحب، وقد ذكر الله هذا عن ذلك الإِنسان، وأخبر أن الأمر ليس كما ظن.
قال تعالى: {فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلاَّ بَل لاَ تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ} [الفجر: 15 - 17].
والصواب أن الموفق هو الذي إِذا أُعطي منصبًا، أو جاهًا، استعمله