الكلمة الثالثة: التوفيق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:

فإِنّ توفيق الله عز وجل لا غنى للعبد عنه، لا في الدنيا ولا في الاخرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَامُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].

فمن وفقه الله لتزكية نفسه فقد أفلح وفاز، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، وأعلى مراتب توفيق الله لعبده: أن يحبِّب إليه الإِيمان والطاعة، ويُكرِّه إليه الكفر والمعصية، وهي المرتبة التي نالها أَصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وامتن الله بها عليهم في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7].

قال ابن القيم رحمه الله: «يخاطب الله جل وعلا عباده المؤمنين، فيقول: لولا توفيقي لكم لما أذعنت نفوسكم للإِيمان، فلم يكن الإِيمان بمشورتكم وتوفيق أَنفسكم، ولكني حببته إليكم وزينته في قلوبكم، وكرهت إليكم ضده الكفر والفسوق» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015