روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: مَرَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ» (?).
قال الشاعر:
إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي ... وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ
فَلاَ وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيرٌ ... وَلاَ الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيرٍ ... وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ
قال ابن القيم رحمه الله: ومن عقوبات المعاصي ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب الخير أجمعه، فقد جاء في الحديث الصحيح: «الْحَيَاءُ لاَ يَاتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» (?) والمقصود أن الذنوب تضعف الحياء من العبد حتى ربما انسلخ منه بالكلية، حتى إنه ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ولا باطلاعهم؛ بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحال لم يبق في صلاحه مطمع، ومن استحيا من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستح من معصيته لم يستح الله من عقوبته. اهـ (?).
روى ابن حبان في صحيحه من حديث أسامة بن شريك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا كَرِهَ اللهُ مِنْكَ شَيْئًا فَلاَ تَفعَلْهُ إِذَا خَلَوْتَ» (?).