روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ» (?).
وكانت العرب في الجاهلية تتحلى بصفة الحياء، فهذا أبو سفيان قبل إسلامه عندما وقف أمام هرقل ملك الروم ليسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر عن نفسه قائلاً: لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت عليه.
قال ابن القيم رحمه الله: وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرًا، وأكثرها نفعًا، وهو خاصة الإِنسانية؛ فمن لا حياء فيه ليس معه من الإِنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق - أي الحياء - لم يكرم ضيف، ولم يوف بالوعد، ولم تؤد أمانه، ولم تقض لأَحدٍ حاجة؛ ولا تحرى الرجل الجميل ففعله والقبيح فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع عن فاحشة؛ ... فإن الباعث على هذه الأفعال إما ديني، وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وإما دنيوي وهو ... حياء فاعلها من الخلق؛ فقد تبيّن أنه لولا الحياء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها ... إلى آخر ما قال» (?).
وقال عمر - رضي الله عنه -: مَن قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَن قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلبُهُ (?).