أَنهم كَانَ لَهُم قبل الفرنج بَقِيَّة من بضائع قدر عشْرين ألف دِينَار فطالبوهم فوعدوهم أَن يعطوهم الْمبلغ الَّذِي عِنْد كريم الدّين فَبَلغهُ ذَلِك فأحضرهم واحتال للكارمية بالمبلغ وَكتب لَهُم بِهِ إشهادا وألزم الفرنج بتكملة بَاقِي مَا عَلَيْهِم للكارمية فَانْصَرف الْكل شاكرين وَبلغ النَّاصِر أَنه أوفاهم فعظمت مَنْزِلَته عِنْده فَإِنَّهُ كَانَ يتَحَقَّق أَنه لم يكن عِنْده إِذْ ذَاك مَال حَاصِل فظهرت لَهُ كِفَايَته ونبل فِي عينه وخلع عَلَيْهِ خلعة مذهبَة وَأَشَارَ عَلَيْهِ الْقُضَاة أَنه ولاه جَمِيع مَا ولاه الله من الْأُمُور وأحبه حبا زَائِدا وَصَرفه فِي جَمِيع أُمُوره فَصَارَ الأكابر من الْأَطْرَاف يكاتبونه ويهادونه وَمرض مرّة فزينت لَهُ مصر لما دخل الْحمام ولعبت ... وَبَلغت عدَّة الشموع الَّتِي أوقدت ألفا وسِتمِائَة موكبية وَحج مَعَ النَّاصِر سنة 719 وَبلغ من عَظمته أَن الْمُؤَيد لما ولاه النَّاصِر حماة سُلْطَانا بهَا أَمر كريم الدّين بتجهيزه فَبَالغ فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ فَلَمَّا ودعه قبل الْمُؤَيد يَده وَقَالَ مَا لي مَال أكافيك بِهِ إِلَّا الدُّعَاء وَفِي سنة 721 وَقعت فِي ابْن جمَاعَة مرافعة بِسَبَب جَامع ابْن طولون ففوض النَّاصِر نظره لكريم الدّين فباشره مُبَاشرَة هائلة حَتَّى وفر من متحصله ضعف مَا كَانَ يصرف وَبنى لَهُ الطاحون وَغَيرهَا ثمَّ بنى لَهُ النَّاصِر دَارا ببركة الْفِيل ثمَّ حج صُحْبَة خوند طغاي حجتها الْمَشْهُورَة وَفِي الْجُمْلَة فَإِنَّهُ بلغ فِي رفيع الْمنزلَة مَا لم يبلغهُ أحد من