الطِّبّ بالمرستان وَاسْتمرّ على الِاشْتِغَال والأشغال وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى النَّاس من غير حَاجَة إِلَى أحد وَلَا سعي فِي منصب وَكتب على تَفْسِير سُورَة ق مجلدة لَطِيفَة وعَلى عدَّة آيَات وَكتب على ديوَان المتنبي كِتَابَة جَيِّدَة وَكَانَ يستحضر جملَة من الشّعْر وَيعرف خطوط الْأَشْيَاخ وَكَانَ ذهنه يتوقد ذكاء قد مهر فِي الْفُنُون حَتَّى صَار إِذا تحدث فِي شئ من هَذِه الْعُلُوم تكلم فِي دقائقه وغوامضه حَتَّى يَقُول الْقَائِل إِنَّه أفنى عمره فِي ذَلِك الْفَنّ وَكَانَ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ يَقُول مَا أعرف أحدا مثله وَقَالَ الصَّفَدِي قَالَ لي ابْن سيد النَّاس لما قدم قعد بسوق الْكتب وَالشَّيْخ بهاء الدّين ابْن النّحاس هُنَاكَ وَمَعَ الْمُنَادِي ديوَان ابْن هَانِئ فَنظر فِيهِ ابْن القوبع فترنم بقوله
(فتكات لحظك أم سيوف أَبِيك ... وكؤوس خمرك أم مراشف فِيك) فقرأه بِالنّصب فِي الْجَمِيع فَقَالَ لَهُ ابْن النّحاس يَا مَوْلَانَا هَذَا نصب كثير فَقَالَ لَهُ بفترة أَنا أعرف الَّذِي تُرِيدُ من رَفعهَا على أَنَّهَا أَخْبَار لمبتدءات مقدرَة وَالَّذِي ذهبت أَنا إِلَيْهِ أغزل وأمدح وَتَقْدِيره أقاسي فتكات لحظك إِلَى آخِره فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا فَلم لَا تتصدر وتشغل النَّاس فَقَالَ وأيش هُوَ النَّحْو فِي الدُّنْيَا حَتَّى يذكر قَالَ وَقَالَ لي أَيْضا كنت أَنا وشمس الدّين ابْن الْأَكْفَانِيِّ نشتغل عَلَيْهِ فِي المباحث المشرقية فأبيت لَيْلَتي أطالع الدَّرْس وأجهد قريحتى إِلَى أَن يظْهر لى شئ فَإِذا تكلم الشَّيْخ