رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال.
وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص، وأكثر من يقولها تقليدا وعادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت، وفي القبور، أمثال هؤلاء، كما في الحديث: " سمعت الناس يقولون شيئا فقلته " 1. وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم من أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 23] .
وحينئذٍ: فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام، لم يكن في هذا الحال مصرا على ذنب أصلا، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان، وهذا الإخلاص، وهذه التوبة، وهذه المحبة، وهذا اليقين لا تترك له ذنبا إلا محي عنه، كما يمحوا الليل النهار.
فإذا قالها على وجه الكمال المانع من الشرك الأكبر والأصغر، فهذا غير مصر على ذنب أصلا، فيغفر له، ويحرم على النار، وإن قالها على وجه خلص به من الشرك الأكبر دون الأصغر، ولم يأت بعدها بما يناقض ذلك، فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات، فيرجح بها ميزان الحسنات، كما في حديث البطاقة، فيحرم على النار، ولكن تنقص