وأهلها، والمناصب لأربابها، ما قد عجز عنه كبار الأكياس، ولا يظن أن يدركه أحد من الناس.
أدرك مقام الأئمة الكبار، وناسب قيامه من بعض الأمور مقام الصديقين. وأما شجاعته فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه الأكابر الأبطال؛ فلقد أقامه الله في نصرة دينه، والتقاء أعباء الأمر بنفسه; وقام وقعد، وعزل ونصب، واجتمع بالملك وشجعه، ومرة أخافه وأرعبه، وله حدة قوية، وإقدام وشهامة، وقوة نفس، يضرب بها المثل، وفيه مروءة، وقيام مع الناس، وسعي في مصالحهم. لم ير أزهد منه عن الدنيا، والدرهم لا يذكره، ولا أظنه يدور في ذهنه، وكان كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:
وهو المؤمل في الضراء والباس ... فلا تكلني إلى خلق من الناس
وجهي المصون ولا تخضع لهم راسي ... رزقي وصني عمن قلبه قاسي
بحسن صنعك مقطوعا عن الناس ... يا من له الفضل محضا في بريته
عودتني عادة أنت الكفيل بها ... ولا تذل لهم من بعد عزته
وابعث على يد من ترضاه من بشر ... فإن حبل رجاثي فيك متصل
قد شاعت مناقبه ومحاسنه في الورى، وأثنى عليه علماء نجد والأمصار، ودار في ساثر الأقطار، فقال ابنه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: لما رأيت أهل الفهم