تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [سورة الإسراء آية: 56] .
وإنما ذكر الله ذلك عنهم، لأنهم يدعون الملائكة والأنبياء، ويصورون صورهم محبة لهم، ويرجونهم ويلتجئون إليهم ليشفعوا لهم فيما دعوهم فيه، وذلك بطرق مختلفة; ففرقة قالت: ليس لنا أهلية مباشرة دعاء الله ورجائه، بلا واسطة تقربنا إليه، وتشفع لنا عنده، لعظمته; وفرقة قالت: الأنبياء والملائكة ذوو وجاهة عند الله، ومنْزلة عنده، فاتخذوا صورهم من أجل حبهم لهم، ليقربوهم إلى الله زلفى; وفرقة: جعلتهم قبلة في دعاء الله؛ وفرقة قالت: إن على كل صورة مصورة على صور الملائكة والأنبياء وكيلا موكلا بأمر الله، فمن أقبل على دعائه ورجائه، وتبتل إليه، قضى ذلك الوكيل ما طلب منه بأمر الله، وإلا أصابته نكبة بأمره; فالمشرك إنما يدعو غير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، ويلتجئ إليه فيه ويرجوه منه، لما يحصل له في زعمه من النفع.
وهو لا يكون إلا فيمن وجدت فيه خصلة من أربع: إما أن يكون مالكا لما يريد منه داعيه، فإن لم يكن مالكا، كان شريكا; فإن لم يكن، كان ظهيرا، فإن لم يكن ظهيرا، كان شفيعا. فنفى الله سبحانه هذه المراتب الأربع عن غيره نفيا مرتبا، منتقلا من الأعلى إلى الأدنى، فنفى الملك عن غيره، والشركة، والمظاهرة، والشفاعة، التي لأجلها وقعت