بكرامتهم، لا عبادتهم ليجلبوا لمن دعاهم خيرا لا يقدر على جلبه إلا الله تبارك وتعالى، ويدفعوا عنهم سوءا لا يقدر على دفعه أو رفعه إلا الله، لأنه عبادة مختصة بجلاله سبحانه، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر آية: 60] ، فسماه عبادة، وأضافها إلى نفسه; وروى النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله: "إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ رسول الله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} " الآية [سورة غافر آية: 60] ، رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وكل ما في القرآن، من دعاء، أو دعوة، فهو إما بمعنى: اسألوني أعطكم، كما في هذا الحديث، وكقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [سورة البقرة آية: 186] . وإما بمعنى: امتثال الأوامر، واجتناب المناهي، كما في قوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ} [سورة الشورى آية: 26] ، أي يثيبهم على أحد التفسيرين، لا أن يتخذوا في ذلك واسطة، بين الله، وبين من دعاهم، ولا سيما في حصول المطلوب، كالواسطة بين السلطان ورعيته; فإن ذلك دين المشركين الذين قال الله فيهم: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} الآية [سورة سبأ آية: 22] . وقال