صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم البعث والجزاء.

أما بعد: فإن العبادة التي هي اسم جامع، لكل ما يحبه الله ويرضاه، هي الغاية التي خلق الله لها جميع العباد، من جهة أمر الله تعالى، ومحبته ورضاه، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات آية: 56] ، وبها أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وذلك أن الدين كله بأنواعه لله وحده، والأمر كله لله، مختص بجلاله وعظمته، ليس للخلق منه شيء البتة، لا ملك، ولا نبي، ولا ولي، بل حق لله تعالى، غير جنس حق المخلوق.

فأما حقه تعالى: فتوحيده وإفراده بعبادته، التي أوجبها تعالى على عباده، وخلقهم ليعملوا بها، وإخلاصها له تعالى وتقدس، بعد نفيها عن غيره; وحصرها له وعليه; والدعاء بما لا يقدر على جلبه ودفعه إلا الله، مختصا به، لا يجوز أن يدعى في ذلك غيره تبارك وتعالى، ورجاؤه فيه، والتوكل عليه، وذبح النسك، والنذر، لجلب الخير، أو دفع الشر، والإنابة، والخضوع كله لله، مختص بجلاله، كالسجود، والتسبيح، والتكبير والتهليل.

قال سبحانه وتعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} [سورة الرعد آية: 14] . وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [سورة الجن آية: 18] . وقال لنبيه {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015