أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو; وهو للحمد والثناء أهل، وأسأله أن يصلي على صفوته وخيرته من خلقه، محمد خير أنبيائه، وأمينه على إنبائه، وعلى آله وصحبه، الذين كانوا سيوفا قاطعة على رقاب أعدائه.
وقد وصل إلينا كتابكم، وفهمنا ما تضمنه، من لطيف خطابكم، فإن سألت عن الأحوال، فلله الحمد والمنة، نحن في أحسن حال، وأسر بال، نسأل الله أن يزيدنا، وسائر إخواننا من النعم والإفضال.
وما ذكرت من اتباعكم، هذه الدعوة الإيمانية، وإخلاصكم الدعوة والتوحي، لمن له الوحدانية، فهنيئا لمن كانت حاله كذلك، وأنقذه الله من الشرك والمهالك، لأن الإسلام عاد في هذه الأزمان غريبا كما بدأ، كما أخبر به الصادق المصدوق، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره; نسأل الله أن يجعلنا وإياك من الغرباء، الذين ذكر أنهم يحيون من السنة ما أمات الناس.
وما ذكرت من طلب الوصية في كتابك، فأعظم ما نوصيك به: تحقيق هذين الأصلين: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله; وذلك لأنهما أصل الإسلام; ولا ينفع علم، ولا يقبل عمل، بدون تحقيقهما قولا وعملا واعتقادا؛ وهما أصل التقوى، التي أوصى الله بها الأولين والآخرين، في كتابه، بقوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا