نريد بذلك الجاه، والشفاعة وإلا فنحن نفهم أن الله هو المدبر; فقل: كلامك هذا دين أبي جهل وأمثاله; فهم يدعون عيسى، وعزيرا، والملائكة، والأولياء، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: 3] ، وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: 18] .
فإذا تأملت هذا تأملا جيدا، عرفت أن الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية، وهو التفرد بالخلق، والرزق، والتدبير؛ فهم ينخون عيسى، والملائكة، والأولياء يقصدون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده; وعرفت أن الكفار، خصوصا النصارى منهم من يتعبد الليل والنهار، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزلا في صومعة عن الناس، ومع هذا كافر، عدو لله، مخلد في النار، بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء، يدعوه، ويذبح له، وينذر له; وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل; وتبين لك: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بد أ"1.
فالله، الله، إخواني! تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره، أسه ورأسه، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله; واعرفوا معناها; وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين; واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وأبغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال: ما علي