الكفار شاهدون بهذا كله، ومقرون به، ومع هذا لم يدخلهم في الإسلام، ولم يحرم دماءهم وأموالهم، وكانوا أيضا يتصدقون، ويحجون، ويعتمرون، ويتعبدون، ويتركون أشياء من المحرمات، خوفا من الله عز وجل.
ولكن الأمر الثاني، هو الذي كفرهم، وأحل دماءهم وأموالهم، وهو: أنهم لا يشهدون الله بتوحيد الألوهية وهو: أنه لا يدعى إلا الله، ولا يرجى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يستغاث بغيره، ولا يذبح لغيره، ولا ينذر لغيره، لا لملك مقرب، ولا نبي مرسل، فمن استغاث بغيره فقد كفر، ومن ذبح لغيره، فقد كفر، ومن نذر لغيره فقد كفر; وأشباه هذا.
وتمام هذا: أن تعرف أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الملائكة، وعيسى، وعزيرا، وغيرهم من الأولياء، فكفرهم الله بهذا، مع إقرارهم بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر; فإذا عرفت معنى لا إله إلا الله وعرفت أن من نخا نبيا أو ملكا، أو ندبه، أو استغاث به، فقد خرج من الإسلام؛ وهذا هو الكفر، الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإن قال قائل من المشركين: نحن نعرف أن الله هو الخالق، الرازق، المدبر، لكن هؤلاء الصالحين مقربون، ونحن ندعوهم، وننذر لهم، وندخل عليهم، ونستغيث بهم،