وكان أول ما كادهم الشيطان به تعظيم الصالحين، كما ذكر الله ذلك في كتابه {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [سورة نوح آية: 23] ، قال الكلبي: هؤلاء قوم صالحون، فماتوا في شهر، فجزع عليهم أقاربهم، وقال لهم رجل: هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام، على صورهم؟ قالوا: نعم، فنحت لهم خمسة أصنام، ونصبها لهم.

وفي غير حديثه، قال أصحابهم: لو صورنا صورهم، كان أشوق لنا إلى العبادة، فكان الرجل يأتي أباه وابن عمه، فيعظمه، حتى ذهب القرن الأول، ثم جاء القرن الآخر، وعظموهم أشد من الأول; ثم جاء القرن الثالث، فقالوا: ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم، فعبدوهم. فلما بعث الله نوحا، وأغرق من أغرق، وأهبط الماء هذه الأصنام، من أرض إلى أرض، حتى قذفها إلى أرض جدة; فلما نضب الماء، بقيت على الشاطئ، فسفت الريح عليها حتى وارتها، ثم عمر نوح وذريته الأرض، وبقوا على الإسلام ما شاء الله، ثم حدث فيهم الشرك.

وما من أمة إلا ويبعث الله فيها رسولا، يأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن الشرك، فمنهم: عاد التي لم يخلق مثلها في البلاد; بعث الله لهم هودا عليه السلام، وكانوا في ناحية الجنوب، بين اليمن وعمان، فكذبوه، فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم، ونجى الله هودا ومن معه; ثم بعث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015