بحيرة ساوة، وكانت بحيرة عظيمة في مملكة العراق، عراق العجم وهمدان، تسير فيها السفن، وهي أكثر من ستة فراسخ، فأصبحت ليلة مولده يابسة ناشفة، كأن لم يكن بها ماء، واستمرت على ذلك، حتى بني مكان "ساوة" وباقية إلى اليوم.
وأرسلت الشهب على الشياطين، كما أخبر الله بقوله: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} الآية [سورة الجن آية: 9] . وأنبته الله نباتا حسنا، وكان أفضل قومه مروة، وأحسنهم خلقا، وأعزهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، حتى سماه قومه الأمين، لما جعل الله فيه من الأحوال الصالحة، والخصال المرضية.
ووصل بصرى من أرض الشام، مرتين، فرآه بحيرا الراهب فعرفه، وأخبر عمه أنه رسول الله، وأمر برده، فرده مع بعض غلمانه، وقال لعمه: احتفظ به، فلم نجد قدما أشبه من القدم الذي بالمقام من قدمه. واستمرت كفالة أبي طالب، كما هو مشهور، وبغضت إليه الأوثان، ودين قومه، فلم يكن شيء أبغض إليه من ذلك.
والدليل على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقل والنقل ; أما النقل: فواضح; وأما العقل: فنبه عليه القرآن; من ذلك: ترك الله خلقه بلا أمر، ولا نهي لا يناسب في حق الله، ونبه عليه في قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ