وكفى في معرفة كثرتهم، وأنهم أكثر أهل الأرض، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن بعث النار من كل ألف: تسعمائة وتسعة وتسعون" قال الله تعالى: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً} [سورة الإسراء آية: 89] ، وقال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنعام آية: 116] ، وقال: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [سورة يوسف آية: 103] .

ولما أراد سبحانه إظهار توحيده وإكمال دينه، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، بعث محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وحبيب رب العالمين، وما زال في كل جيل مشهورا، وفي توراة موسى، وإنجيل عيسى مذكورا، إلى أن أخرج الله تلك الدرة بين بني كنانة وبني زهرة، فأرسله على حين فترة من الرسل، وهداه إلى أقوم السبل.

فكان له صلى الله عليه وسلم من الآيات والدلالات على نبوته قبل مبعثه ما يعجز أهل عصره، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، حين وضعتني، أنه خرج منها نور أضاءت له بصرى من أرض الشام "1.

وولد صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين، الثاني عشر من ربيع الأول، عام الفيل، وانشق إيوان كسرى ليلة مولده، حتى سمع انشقاقه، وسقط أربع عشرة شرفة، وهو باق إلى اليوم آية من آيات الله، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك، وغاضت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015