فأسقط المجيز قوله: ومن ثم، ولعله ذهول، وهي تدل: على أن عبارة الحافظ تنبني على ذلك، وأن الماوردي فهم كما فهم، لأن معنى: ومن ثم، أي: ومن هذه الحيثية، فعلم أنه لاحظ ذلك المعنى الذي قصده الماوردي من جواز الإقامة لمن أظهر دينه، ورجا إسلام غيره، مع أن كلام الحافظ يشعر بتمريض إطلاق الماوردي الأفضلية؛ وقد قدمنا لك الكلام عليه، وأنه لم يسلم للماوردي ما أطلق، فكذلك لا يسلم للحافظ لو قدر أنه يوافقه، مع أن عبارته محتملة غير صريحة؛ إذ العبادة لفظ عام، لا يحمل على ما زعموا إلا بقرينة، على ما قاله علماء البيان، ولا قرينة حينئذ؛ فحمله، وكذلك حمل ما قبله وما بعده، من مطلق عبارات العلماء، على ما يشهد له البرهان من قول الشارع، أولى، لوجوب الرد إليه عند التنازع.

وأما نقله عن الحافظ، وابن قدامة، من أن إظهار الدين أداء الواجبات، فقد تقدم لك ما يدل على أنه لا يتم له الاستدلال به على كل تقدير، لأنهم في عباراتهم غايروا بين الجملتين، فقالوا: لا يمكنه إظهار دينه، ولا يمكنه أداء واجباته، وأعادوا الجملة ثانيا، فصار هذا الحكم مركبا من جزئين، ولا يصح بدونهما، فظهر أن إظهار الدين هو إظهار المعتقد.

قال شيخ الإسلام: والأمر المركب من أجزاء، تكون الهيئة الاجتماعية، مبنية على تلك الأجزاء، مركبة منها، لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015