في بلد آخر، أي بلد كان، يبين فيه دينه، ويظهر عبادة ربه، فإن الخروج على هذا الوجه، حتم على كل مؤمن؛ وهذه الهجرة لا تنقطع إلى يوم القيامة {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [سورة البقرة آية: 115] . انتهى كلام السهيلي.
فانظر إلى قوله: إذا كان الخروج فرارا بالدين، وقوله: فأثنى الله عليهم لما كان فعلهم احتياطا على دينهم، وقوله: يذكرونه آمنين، أي: يفردونه ظاهرا بين من لا يفرده كالنصارى، بخلاف من يوافق على التهليل كاليهود، فلا يكفي إلا التصريح بالرسالة، كما تقدم.
وقوله: هذا حكم مستمر، متى غلب المنكر على بلد، وأوذي على الحق مؤمن، ورأى الباطل قاهرا للحق، ورجا أن يكون في بلد، أي بلد كان يبين فيه دينه؟ فما هذا الدين؟ أتظنه من العام الذي أريد به الخصوص؟ كلا! ثم ما هذا الاحتياط يرحمك الله؟ أتظنه في الذهاب إلى بلد المشركين؟ لما أوذيت على الحق في بلد المسلمين؟ ورأيت الباطل قاهرا للحق؟ فما أعظم جناية المجيز لو أخذناه بلازم قوله؟ الله كبر، ماذا يفعل الجهل بأهله، مهلا عن الله مهلا!
وأما ما نقله عن شيخ الإسلام في الأسير، إذا لم يمنعوه عن واجبات دينه، فلا يدل على ما قصدوا بوجه من الوجوه، لأن كلام الشيخ ليس بظاهر في أن الدين هو مجرد العبادة فقط، وليس بظاهر أيضا في أن أهل أوثان لا يرضون منه