أظهروا دينهم في بلد من يعتقد مباينة الإسلام لدينه، وهم أقرب مودة من المشركين بنص القرآن؛ أفيجعل حكمهم حكم من لو علم منك المباينة في الاعتقاد، لجعل توحيد الله عين الكفر والخروج؟ وأقل أحواله الحكم عليك بالطرد والخروج؟ فالله المستعان.
وبالجملة: فالبلد إذا كانت بهذه المثابة، والإسلام بها يظهر، وواليها عضد لأهل الإسلام، يوافقهم عليه، ويقرهم، ويقول لجنده ما قال النجاشي، فلا يمنع أحد؛ فإن كان التوحيد هو أصل الأصول، وأوجب الواجبات، يجوز إخفاؤه للمصالح الدنيوية، وتسمى سائر العبادات التي هي فروعه إظهار الدين، فما فائدة العلم؟!
قال ابن القيم رحمه الله في قصة هجرة الحبشة، قال السهيلي: وفيه من الفقه: الخروج من الوطن وإن كان الوطن مكة على فضلها، إذا كان الخروج فرارا بالدين، وإن لم يكن إلى أرض الإسلام؛ فإن الحبشة كانوا نصارى، يعبدون المسيح، ويقولون: هو ابن الله، وسموا بهذه الهجرة مهاجرين.
وهم أصحاب الهجرتين، الذين أثنى الله عليهم، وهم قد خرجوا من بلد الله الحرام، إلى بلد الكفر، لما كان ذلك احتياطا على دينهم، وأن يخلي بينهم وبين عبادة ربهم يذكرونه آمنين؛ وهذا حكم مستمر، متى غلب المنكر على بلد، وأوذي على الحق مؤمن، ورأى الباطل قاهرا للحق، ورجا أن يكون