إليه، إلا بعض من اعترض على إمام الدعوة.

وقوله: إنهم هاجروا ليأمنوا لا ليفتتنوا، مجرد تمويه، صدر ممن لم يعرف قدر الشرك، الذي هو أعظم هضم لجناب الربوبية، وإبطال لما دعت إليه الرسل، من توحيد الإلهية؛ فأين الأمان واستقرار الجنان، لمن يشاهد عبادة الأوثان، ومسبة الديان، في كل حال وأوان؟!

ومن استدل بقصة الهجرة على هذا، فتصوره فاسد، وذهنه كاسد، إذ كل من عقل عن الله شرعه، وسبر أحوال الصحابة وما هم عليه، من نصر الدين وزيال المشركين، علم قطعا أن هجرة الحبشة حجة عظيمة في وجوب الهجرة؛ وهو من باب ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وإطلاق لفظ الهجرة عليها كاف في المطلوب على قدر الوسع، وإن لم يتم المقصود كله، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء دعوته أمر بالإعراض، ثم أمر بالصدع، ثم أمر بالجهاد.

وظهور الدين يطلق ويراد به ظهوره بالقهر والغلبة والجهاد، وهذا قد تأخر، ويطلق ويراد به ظهوره وشهرته، وعدم منع الداخل فيه؛ وهذا قد حصل بأرض الحبشة، وتسمى هجرة وانتقال، كما حكاه النووي في شرح الأربعين له.

وحكاه مجتهد عصره إبراهيم بن حسن الكردي، عن الحافظ بن حجر، أنه قال: وقعت الهجرة في الإسلام على وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015