ملغى من أصله، فلا حاجة إلى فتوى أبا بطين وغيره.

وأما دعواه: أن إظهار الدين إذا لم يمنعوك عن واجبات دينك، أي: من الصلاة والعبادة الخاصة، مستدلا بما رواه البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر أو جلس في أرضه التي ولد فيها " 1، وحديث صاحب الخضرمة.

فجوابه أن يقال: أولا: ليس في الحديثين دلالة على أن البلد بلد شرك، غاية ما فيها إثبات الإيمان لمن أسلم ومات في بلده.

الثاني: أنهما يدلان على كمال الإيمان، فهما على حد قوله: " وإن زنى وإن سرق " 2، ونحن نقول: بموجبه، فمن أقام في بلاد الشرك مع القدرة على الخروج منها شحا بالوطن، أو غير ذلك من الأعذار، فهو مرتكب كبيرة، فيقال: هو مؤمن ناقص الإيمان.

الثالث: أن الاستدلال بهما وما في معناهما، خروج عن المقصود، إذ هي فيمن أسلم في بلده، أما الذهاب إلى أوطانهم اختيارا، واللحاق بهم استقرارا، فلا تدل عليه بوجه من الوجوه؛ إذ الاستدلال بالنصوص فرع ثبوتها أولا، ثم مطابقتها للمستدل عليه معنى، كما هو مقرر في مواضعه؛ وإذا كان من آمن ولم يهاجر من الأعراب ناقصا، فكيف بمن آمن ولم يهاجر من بلدان المشركين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015