بأقوال منبوذة بالعراء، مطروحة من وراء وراء وهذا القول كاف لمن وفق للإنصاف، وبالله التوفيق، وهو الهادي لأقوم طريق.
فإن قلت: قد أرخيت عنان القلم في هذا الباب، وأطنبت في هذه المسائل بعض الإطناب، فأجب عن المعارضة، وإن خرج بنا عن قانون الجواب، لشدة الحاجة إلى كشف هذا الحجاب.
قلت: الجواب عن المعارضة، وإن كان يستفاد مما تقدم لمن جعل الله له نورا، هو من وجهين: مجمل، ومفصل.
أما المجمل: فإنه لو كان مع المجيز نص في محل النّزاع، وأنى له ذلك، فقد تقرر في الأصول: أنه لا تعارض بين نصين، ولا بين نص وظاهر، ولا بين مجمل ومفصل; لأن التعارض بين النصين محال قطعا، لأن السنة لا تتناقض ولا تتعارض، ولو صح، لأنه قد يكون صحيحا لا صريحا، فيقدم النص الذي لا يحتمل إلا مدلولا واحدا، ويحمل عليه ما عداه.
وقد صرح أئمة الأصول بأن ما احتمل معنيين، وكان أحدهما أظهر، فدلالته ظنية، ولا يعارض متحد المعنى إجماعا، بل يطلب التوفيق; ثم لو كان كلاهما متحد المعنى في المقابلة، ولا سبيل إلى نسخ ولا جمع، فالتوقف إلى أن يظهر الترجيح، أو تحف القرائن، كالحظر مثلا، فإنه مقدم على الإباحة، خصوصا إذا صار أظهر في سد المفاسد، لأن الشرع جاء بالمصالح المحضة.