طبقة المقلدين، وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم تبع، يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة ولنا أسوة بهم.
قال: وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار، وكانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم، وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لا يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنْزلة من لم تبلغه الدعوة؛ وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين، لا الصحابة ولا التابعين، ولا من بعدهم.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه " 1، فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة، إلى اليهودية، أو النصرانية، أو المجوسية، ولم يعتبر في ذلك غير المربي، والمنشأ على ما عليه الأبوان. وصح عنه أنه قال: " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " 2؛ وهذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف، والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر.
قال: والإسلام هو: توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسوله واتباعه فيما جاء به؛ فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن معاندا، فهو كافر جاهل. وغاية هذه الطبقة: أنهم كفار جهال، غير معاندين؛ وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا. فإن الكافر من جحد توحيد الله، وكذب رسوله إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد.