وأخرج البيهقي بسنده إلى محمد بن مسلم، سمعت حبان صاحب ابن المبارك، يقول: قلت لعبد الله بن المبارك: قول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: بحمد الله لا بحمدك، إني لأستعظم هذا، فقال عبد الله: ولت الحمد أهله; وكذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد، بسنده عن الأسود بن سريع: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير، فقال: اللهم أتوب إليك، ولا أتوب إلى محمد; فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عرف الحق لأهله " 1.

وهذا المعترض، وأمثاله: ادعوا تعظيم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد نهى عنه، من الغلو والإطراء، وهضموا ربوبية الله، وتنقصوا إلهيته، وأتوا بزخارف شيطانية، وحاولوا أن يكون حق الله من العبادة - التي خلق لها عباده - نهبا بين الأحياء والأموات؛ هذا يصرفه لنبي، وهذا لملك، وهذا لصالح، أو غير هؤلاء ممن اتخذوهم أندادا لله، وعبدوا الشياطين بما أمروهم به من ذلك الشرك بالله.

فإن عبادتهم للملائكة والأنبياء والصالحين، إنما تقع في الحقيقة على من زينها لهم من الشياطين، وأمرهم بها، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سورة سبأ آية: 40-41] . ونحو هذه الآية كثير في القرآن.

ولما ذكر العلامة ابن القيم، رحمه الله، ما وقع في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015