الخلق بالتواضع لله وحده سبحانه.

وفي الحديث: "فإنك إن تكلني إلى نفسي، تكلني إلى ضيعة وعورة، وذنب وخطيئة. وإني لا أثق إلا برحمتك" الحديث; والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، يخبر بذلك عن نفسه، ويعترف بذلك لربه، وهو الصادق المصدوق; فإذا قال المسلم مثل هذا في حقه صلى الله عليه وسلم وأخبر بما أخبر به عن نفسه، لم يكن منتقصا له؛ بل هذا من تصديقه والإيمان به.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا كان الكلام في سياق توحيد الرب، ونفي خصائصه عما سواه، لم يجز أن يقال: هذا سوء عبارة في حق من دون الله، من الأنبياء، والملائكة؛ فإن المقام أجل من ذلك، وكل ما سوى الله يتلاشى عند تجريد توحيده.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم الناس تقريرا لما يقال على هذا الوجه، وإن كان نفسه المسلوب، كما الصحيحين في حديث الإفك، " لما نزلت براءة عائشة من السماء، وأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قالت لها أمها: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمده، ولا إياكما؛ ولا أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي "، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها على هذا الكلام، الذي نفت فيه أن تحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: بحمد الله لا بحمدك; ولم يقل أحد هذا سوء أدب عليه صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015