حدا "، فيه: بيان أن الله هو الذي يحد له، وهذا الذي يقع من الناس يوم القيامة مع الرسل، هو من باب سؤال الحي الحاضر، والتوسل إلى الله بدعائه، كما كان الصحابة رضي الله عنهم، يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو لهم إذا نابهم شيء، كما في حديث الاستسقاء وغيره.

ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يفعلون عند قبره شيئا من ذلك البتة؛ ففرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهم أعلم الأمة وأفضلها - بين حالتي الحياة والممات. وكانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد والخروج منه، وفي الصلوات والخطب، وعند ذكره، امتثالا لقوله: " لا تجعلوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا؛ وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني أينما كنتم " 1.

ولما أراد عمر رضي الله عنه أن يستسقي بالناس، أخرج معه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيدعو". فلو جاز أن يتوسل عمر والصحابة بذات النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لما صلح منهم أن يعدلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس؛ فلما عدلوا عنه إلى العباس، علم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لا يجوز في دينهم، وصار هذا إجماعا منهم.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وقد أنكر أئمة الإسلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015